كنتُ طفلاً صغيراً حينها ولكني لا أزال أذكر الفرحة الكبيرة التي غمرت بيتنا عندما كان أخي يستمع عبر الراديو لنتيجة تلك المباراة وعندما سجلت الجزائر أول أهدافها اعتقدنا أنه كان يمزح عندما قال لنا 1 - 0 للجزائر
لا زلت أذكر رغم كوني صغيراً الهيبة الكبيرة التي كان يتمتع بها المنتخب الألماني خاصة بعد فوزه ببطولة أوربا 1980 بوجود كبار النجوم وعلى راسهم أفضل لاعب أوربي إلى ما قبل البطولة (رومينيغه)
لقد كانت تصريحات الألمان ولهجة التعالي والكبرياء التي تحدثوا بها عن مواجهتهم لمنتخبنا العربي الحبيب تبعث على الخوف من تحقيق نتيجة كبيرة على حساب الجزائر والعرب !!
لا أزال أذكر برايتنر الذي وعد بحلق لحيته!! وشوماخر الذي قال أنه سيقوم يتغيير ملامح وجهه!! وآخر قال أنه سيلعب ببدلة السهرة !!
والمدرب ديرفال الذي قال أنه إذا خسر مع الجزائر فسيعود إلى ألمانيا ويترك كأس العالم !!
كل ذلك قالوه من باب السخرية لأنهم كانوا يعتقدون أنهم في وادٍ والجزائريون في وادٍ آخر ولا مجال للمقارنة !.
كانت تلك مقدمات تلك المباراة التاريخية...
ولكن كل تلك التصريحات الساخرة من الألمان ذهبت أدراج الرياح عندما اهتزت شباك شوماخر بهدف جزائري ملعوب...
ويأتي بعدها الخبر عبر الراديو بأن ألمانيا حققت التعادل ليعود الخوف من جديد... هل كان الهدف الجزائري طعماً وكان الألمان يتسلون في البداية على مبدأ القط والفأر ؟!!
خفنا من كل قلوبنا ... هل عرف الألمان طريقهم للمرمى وسيدكّون المرمى الجزائري بغلّة وافرة من الأهداف كما قالوا ؟!
آذاننا لم تفارق الراديو...
ويأتي الخبر السريع.. الخبر المفرح... الجزائر تتفوق من جديد ...
كان يوماً عصيباً... يوماً للتاريخ وللذكرى ... وما أحلاها من ذكرى...
بلومي ورفاقه برهنوا في ذلك اليوم على أنهم كانوا أكبر من الحدث وأكبر من التوقعات... خالفوا توقعات الجميع بما فيها توقعات أنصارهم الذين وضعوا أيديهم على قلوبهم خوفاً من المواجهة الرهيبة...
ولكن هؤلاء الأبطال عرفوا كيف يصمدوا للنهاية.. فكان الفوز وكان انكسار الغرور الألماني...
ألمانيا بوجود رومينيغه - برايتنر - هروبيش - بريغل - كالتز - فورستر - شوماخر - مولر ... خرجت تجرّ أذيال الخيبة
الجزائر بوجود شبابها المكافح بلومي - عصاد - ماجر - دحلب - فرجاني - قندوز والبقية ... رفعت رأسنا بأداء وصمود لا يعرف للخوف اسماً...
هذه المباراة يجب أن تبقى درساً لكل منتخب عربي يذهب إلى كأس العالم
بل إن تفاصيلها تحوي دروساً كبيرة لللاعبين والمدربين العرب ولمَ لا تكون كذلك وقد تحقق فيها الفوز على أبطال أوربا والمرشح الأول من أوربا لنيل اللقب في 1982.
أتمنى من كل قلبي أن تبقى أحداث تلك المباراة في ذاكرة كل عربي
وعلى الأخص أن يتذكرها لاعبو منتخب الجزائر المشارك في بطولة 2010
عليهم أن ينسوا أن انكلترا وغيرها من الصعب مواجهتهم ... فألمانيا في 1982 كانت حظوظها وترشحات النقاد لها أكبر من انكلترا و البقية...